هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 لاقرا هذارحمك الله

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
راجية المغفرة




المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 01/01/2011

لاقرا هذارحمك الله Empty
مُساهمةموضوع: لاقرا هذارحمك الله   لاقرا هذارحمك الله Emptyالثلاثاء يناير 04, 2011 2:42 pm





من مكتبة المشكاة الاسلامية






بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة

الحمد لله
الذي شرع لنا الصلاة، وجعلها من أوجب الواجبات وأفضل العبادات، وأحيا بها
قلوب المؤمنين والمؤمنات، رفع بها الحسنات، وحط بها السيئات، والصلاة
والسلام على مَن جعلت قرة عينه في الصلاة، ووجد فيه الراحة والطمأنينة
والسكنات، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.
أما بعد:
فهذه
رسالة لطيفة موجهة إلى كل مسلم في شأن (الصلاة)، التي قد أُلف فيها
الكثير واطلعت على عدد مما ألف في فضلها وأحكامها وآدابها.. الخ، وكل ذلك
يفي بالغرض ويؤدي المطلوب، ويحقق الهدف لو كان مجموعًا في كتيب واحد،
ولكن أكثر ذلك متفرق، فرأيت جمع ما أمكن مما يتعلق بالصلاة من أحكام
وأمور وجوانب ومسائل متفرقة في رسالة تستوعب ذلك وتعرضه بإيجاز تكون
قريبة المتناول سهلة القراءة، وسميتها: «قرة عيون المؤمنين والمؤمنات»
وقسمتها قسمين، قسم موجه إلى كل مسلم ومسلمة ممن يؤدون الصلاة أو
يتهاونون بها أو من هم في صلاتهم ساهون، وعنونته بـ: همسات مع قوله r: «وجعلت قرة عيني في الصلاة»، وأما القسم الآخر فهو موجه للمصلين والمصليات فقط وعنونته بـ: وقفات مع قوله r: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المصلين الخاشعين الذين تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد r.
كتبه
سليمان بن محمد بن فالح الصغيِّر
ص.ب 7868 الرياض 11472
أولاً: همسات من قوله: r
«وجعلت قرة عيني في الصلاة»([1]).
أهمس
في سمعك أيها الأخ المسلم وأيتها الأخت المسلمة إن كنتما ممن يتهاون
بالصلاة أو يسهو عنها أو لم يَرَ لصلاته أثرًا في سلوكه وتصرفاته أن نستلهم
معًا معنى قرة العين في الحديث في الصفحات الأولى من هذه الرسالة وهو: «همسات»
أسأل الله تعالى أن تكون صادقة نافذًا أحسنها إلى قلبك؛ لتعرف نفسك
وتراها في صلاتك، وإن كنتما ممن منَّ الله عليهما بالمحافظة على الصلاة
فلتتما قراءة هذه الرسالة لتريا مكانكما بين من يؤدي حقها وبين من
يسرقها.: نعم فكل صلاة لها حق! فمن المصلين من يؤديه، وكمْ منهم من يسرقه!
وقد قال r: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته..»([2]).
* تأمل قول نبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة»، وقوله r: «أرحنا بالصلاة يا بلال»([3])، وتأمل فعله عليه الصلاة والسلام عندما يحزُبُهُ أمرٌ تراه يفزع إلى الصلاة.
إنه
يجد الراحة والطمأنينة والسكون ويبحث عنها في الصلاة فيجد فيها راحة
للنفس وقوة في القلب وانشراحًا في الصدر وتفريجًا من همٍّ وكشفًا للغم، ثم
إذا انصرف من صلاته وجد خفة في نفسه، وأحس بأثقال قد وُضعت عنه، ووجد
نشاطًا وراحة وروحًا حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها، لأنها قرة عينه ونعيم
روحه وجنة قلبه ومستراحه في الدنيا فليستريح بها وليس منها!
لا
سبيل إلى الخلاص من مقلقات هذا العصر وما يعتري الإنسان من اكتئاب ووحشة
في الصدر وصدأ في النفس إلا في الصلاة، ومتى أهملت فلن ينتفع مهملها
بطاعة أو قربة أو يهنأ بعيش أو تجدي فيه رقية أو تؤثر فيه عقاقير أو
أدوية. وعلى قدر الإهمال تكون درجة الانتفاع.
إن
هذه الصلاة توقظ في نفس المصلي ضميره، وتحيي وجدانه وتبعث في القلب
الحياء من الله وتغسل الضمائر من الضغائن والآثام، وتدعو إلى الصدق
والأمانة، وتجلو صدأ القلوب، وتزيل خبث النفوس وتقضي على الرذائل، وتطبع
النفس على محبة الله والإيمان به، وتحبب مكارم الأخلاق إلى النفس، وتغض
العين عن المعاصي، وتطهر النفوس وتزكيها وتسمو بها إلى أعلى الدرجات،
وتبعد عن كل نقيصة، وتقرب إلى كل فضيلة، وتحول بين كل ما يشينه، وبها
تحتسب حسنات الطاعات والقربات، وبدونها لا تقدم الطاعات ولا تؤخر.
*
من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، لا يصح إسلام بدونها،
مَنْ تركها فقد كفر، وهي مظهر لشكر الخالق، تطرد الغفلة عنه تعالى، وتكسب
المصلي قوة في الإرادة والعزيمة في القلب، تعلمه السكينة، وتعوده على
النظام، وتجعله يعيش الطهارة دائمة في بيته وثيابه وبدنه، وتعيد له نشاطه،
وتذهب عنه الكسل وتنشط دورة الدم.
* هذا غيض من فيض الصلاة، وإليك الهمسة الخاشعة مع قوله تعالى: }وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر{([4])، وتأمل هذا الحديث: «قَسَمتُ
الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين.
قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم. قال الله: أثنى علي عبدي،
وإذا قال العبد: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وإذا قال: إِياك نعبد
وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي، فإذا قال: اهدنا الصراط
المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال:
هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»([5]).
أرأيت لماذا كان تلاوة الفاتحة ركنًا في كل ركعة لا تصح الصلاة إلا به،
والصلاة بعد ذلك درس قرآني في جو من طهارة النفس وصفاء القلب، وخشوع
الجوارح، وحضور الذهن، يتلو المصلي فيها آيات القرآن وهو يناجي ربه بفهم
وخشوع وتدبر، وهو الجو الذي تتأثر فيه النفس بتوجيه القرآن ولهذا كانت
الصلاة نهيًا عن الفحشاء والمنكر. وعندما نتدبر الأمر في قوله: }وَأَقِمِ الصَّلَاةَ{
نجده ليس أمرًا بمجرد الصلاة، ولكنه أمر بإقامتها، وتعبير الإقامة له
مدلول كبير، فيه حضور القلب وإعمال الفكر وصفاء الروح وخشوع الجوارح وطهارة
البدن والنفس، فهو جو يتيح للقرآن أن يصل إلى غايته فيسموا بالنفس فوق
دوافع الجسد، ويحررها من أسر شهواتها، ويطهرها من الإِثم، ويسد فيها منافذ
الشيطان، ويكيف سلوكها بطابع القرآن.
* همسة لئلا تكون هلوعًا وجزوعًا ومنوعًا، قال تعالى: }إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلَّا الْمُصَلِّينَ{([6]).
تأمل
هذه الآيات الأربع ليتملكك العجب، ويزداد يقينك بأن كلام الله لا يمكن
أو يقدر بشر على مثله، فإن الله سبحانه لما وصف الإنسان بقوله: }إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا{ والهلع هو الفزع الشديد، ذكر ما يثيره الهلع للإنسان فقال: }إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا{ والجزع: ضد الصبر، }وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا{
والمنع: ضد الإعطاء، وكلا الوضعين مذموم قد أمر الشرع بضديهما من الصبر
والإِيثار، وقد أثنى الله سبحانه على الصابرين والمؤثرين، فتبين أن الهلع
من أرذل صفات الإنسان، فذكر الله صفات من سَلِم منه فقال: }إِلَّا الْمُصَلِّينَ{
أي المحافظين على الصلاة التي هي مواطن الافتقار، العريقين في هذا
الوصف، فإنه لا يشتد هلعهم فلا يشتد جزعهم ولا منعهم، فيكونوا في أجسن
تقويم معتدلين مسارعين فيما يرضى الرب، لأنه سبحانه قرن بما جبلهم عليه
من الهلع من طهارة الجسد لطهارة طينته وزكاء ما هيأه به لتهذيب نفسه مما
يسره له من أصدقاء الخير وأولياء المعروف وسماع المواعظ الحسان،
والإِبعاد عن معادن الدنس من البقاع والأقران والكلام والأفعال وغير ذلك
من سائر الأحوال: والملابسة بكل ما يحمل على المعالي من صالح الخلان حتى
كانوا من أهل الكمال، ولذلك وصفهم بما يبين عراقتهم في الوصف بها فقال: }الَّذِينَ هُمْ{ أي: بكلية ضمائرهم وطواهرهم }عَلَى صَلَاتِهِمْ{
أي: التي هي معظم دينهم وهي النافعة لهم لا لغيرهم بما أفادته الإضافة،
والمراد الجنس الشامل لجميع الأنواع إلا أن معظم المقصود الفرض، ولذلك
عبر بالاسم الدال على الثبات في قوله }دَائِمُونَ{
أي لا فتور لهم عنها ولا انفكاك لهم منها بل يلازمونها ملازمة يحكم
بسببها أنها في حال الفراغ منها نصب أعينهم بدوام الذكر لها والتهيؤ
لأدائها لأنها صلتهم بمعبودهم الذي لا خير عندهم إلا منه، فلم يكونوا
ناسين لمساوئهم، ولا آسين بمحاسنهم، وكفى بالصلاة بركة في دلالتها على
النجاة من هذا الوصف لأسباب النار.
ثم أعقب ذلك ذكر أوصاف هؤلاء المصلين فقال تعالى: }الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ* وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ* لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ* وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ* وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ* إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{.
ويأخذك عجيب شأن الصلاة أنه كما فتح هذه الأوصاف بالصلاة بقوله: }الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ{ ختمها بالصلاة بقوله: }وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{ مشيرًا إلى حفظ أحوال الصلاة وأوصافها بعد ذكر الحفظ لذواتها وأعيانها تنبيهًا على شدة الاهتمام بها: }وَالَّذِينَ هُمْ{
وسَّط الضمير إشارة إلى الإِقبال بجميع القلب وقدم الصلة تأكيدًا
وإبلاغًا في المراد إلى أقصى ما يمكن كما لا يخفى على ذي ذوق، فقال: }عَلَى صَلَاتِهِمْ{ من الفرض والنفل }يُحَافِظُونَ{
أي يبالغون في حفظها ويجددونه حتى كأنهم يبادرونها الحفظ ويسابقونها فيه
فيحفظوها لتحفظهم أو سابقون غيرهم في حفظها لأوقاتها وشروطها وأركانها
ومتمماتها في ظواهرها وبواطنها من الخضوع والمراقبة ([7])، وغير ذلك من خلال الإِحسان التي إذا فعلوها كانت ولابد ناهية لفاعلها:}إِنَّ الصَّلَاةَ{ الكاملة }تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر{.
أرأيت ما في الاستثناء }إِلَّا الْمُصَلِّينَ{
وافتتاحه أوصافهم بالصلاة وختمها بها من بيان جلالتها وعظمتها وأمرها
الباهر... إذن الصلاة مجرد تلك الحركات الآلية تؤدَّى بغير وعي، بل من شروط
إقامتها التفكر والتدبر ومصاحبة الإِرادة، فمن صلى وهو غافل عنها فلا
صلاة له: }فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ{([8])، و «إِن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له سدسها ولا عشرها، إنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها»([9]).
وإن مما يرهب القلوب الواعية أنه «أول ما يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعًا»([10])،
ولربما حرم المصلي الخشوع في صلاته بسبب معصيته وإصراره عليها،
فالمبادرة إذن عندما يدخل أحدنا في الصلاة فليربط قلبه وجوراحه بها
خضوعًا وخشوعًا حتى يتلذذ بها وتكون همه وقرة عينه كحال نبيه r. يقول عبد الله بن الشخير t: «أتيت النبي r وهو يصلي فسمعت لصدره أزيزًا كأزيز المرجل من البكاء»([11]).
وأصل
تفرق القلب من حب الدنيا الذي هو أساس كل نقصان، ومنبع كل فساد وخذلان،
فليعلم الإنسان أنه في صلاته يناجي ربه، والمناجي مع الغفلة والإِعراض
حقيق بأن يؤدب. وليذكر خطر المقام بين يدي الله تعالى في الآخرة وموقف
الحاجات، وسرعة انتقاله عن الأحباب، ووداعه للأهل والأصحاب، وإيداعه في
ظلم التراب، فكيف يغفل عن آخرته من هذه عاقبة عيشته.
قال
بعضهم: إن العبد ليسجد السجدة عنده أنه تقرب بها إلى الله تعالى، ولو
قسمت ذنوبه في سجدته على أهل مدينته لهلكوا، فكيف ذاك؟ قال: يكون ساجدًا
عند الله وقلبه مصغ إلى الهوى ومشاهد إلى باطل قد استولى عليه، فنسأل الله
تعالى أن يوفقنا، ويختم لنا بخير، ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر
لم يزدد من الله إلا بعدًا كذا روي عن رسول الله r. وفي رواية: «لا صلاة لمن يطع الصلاة»([12])، وطاعة الصلاة أن ينتهي عن الفحشاء والمنكر.
*
وهمسة مع الصلوات الخمس... إن الصلاة لقاء ودعاء وذكر ومناجاة. فوقوف
المؤمن بين يدي ربه خمس مرات في اليوم وأكثر من ذلك لمن يشاء في جو عامر
بالطهر والخشوع والصفاء تربية عملية على الإِحساس بالصلة المباشرة بينه
وبين الله، لها الأثر العميق في النفس وإِذا جاهد المؤمن نفسه وهواه وصل
مرحلة الإِحساس بلذة القرب والمناجاة، فعندها تصبح الصلاة في حسه لقاء
تهفوا إليه نفسه وتجد حقيقة الأنس والسكينة والراحة، فإن من أسرار تشريعها
خمس مرات في اليوم والليلة أن المسلم في حياته اليومية يمر بفترات يحتاج
فيها إلى تجديد وتقوية صلته بربه وتطهير جسمه وروحه فلولا هذه الأوقات
الواجبة لأداء الصلاة لتلوثت النفس ولما تعهد الإِنسان طهارة نفسه وعرضه من
الذنوب، فكما تزيل المياه الأقذار من الأجسام والملابس والأمكنة فكذلك
الصلاة تزيل الذنوب والآثام والخطايا من النفس، وهذا شيء ثابت أكده r في الحديث الصحيح إذ قال لأصحابه مرة: «أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات. هل يبقى من درنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: «وكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا»([13]).
وهكذا يربى الرسول r المؤمن على دوام اليقظة حتى لا يغفل عن نفسه، ولا عن مقاومة هواه، فيوصي بدوام المحافظة على الوضوء ويعتبر ذلك دليل الإيمان «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن»([14]). ثم يصور لك الرسول r عمل الذكر والوضوء والصلاة وأثرها في بعث اليقظة والنشاط في النفس فيقول: «يعقد
الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة:
عليك ليل طويل فارقد، فإِن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإِن توضأ
انحلت عقدة، فإِن صلى انحلت عُقَدُه كلها، وأصبح نشيطًا طيب النفس،
وإِلا أصبح خبيث النفس كسلان»([15]).
* همسة مع: «آرثر كومبتون»
الحائز على جائزة نوبل في الكشوف الذرية يقول: (لست في معمليٍ أعني
بإِثبات حقيقة الحياة بعد الموت، ولكن أصادف كل يوم قوى عاقلة تجعلني أحس
إِزاءها أحيانًا بأنه يجب علي أن أركع احترامًا لها)، ويأتي تعبير الآخر
أفصح وهو الدكتور «تشارلس ستانيميتنز»
إِذ يقول: (ستحدث أعظم الاكتشافات في النواحي الروحية، فسوف يأتي اليوم
الذي يتعلم فيه الناس أن الأشياء المادية لا تجلب السعادة وأنها قليلة
النفع في جعل الرجال والنساء أقوياء قادرين على الإِبداع، وعندئذ سوف يحول
علماء الدنيا معاملهم إلى معرفة الله والصلاة، وعندما يأتي هذا اليوم
سيشاهد العالم في جيل واحد من التقدم مما شاهده في الأجيال الأربعة
السابقة»([16]).
هل
رأيت عظم المنة وقدر النعمة من الله تعالى علينا حين فرض علينا بل فرض
لنا الصلاة وبين لنا صفتها وأوقاتها وأحكامها وجميع ما يتعلق بها بدقة
ووضوح، ولم يشترط علينا لمعرفة جزءًا من ذلك أن نصل في علم الكون إلى
مستوى آرثر أو تشارلس اللذان أدركا – فقط – قيمة الصلاة بعد هذه الرحلة
الطويلة من التجارب والبحث.. والسؤال: كم من الوقت يكفيهما وأمثالهما
ليدركا كيفية الصلاة المرضية لله تعالى وفضلها وواجباتها و... الخ.
* وهمسة من المساجد ورد في الحديث القدسي: «إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن زواري فيها عمارها، فطوبى لعبد تطهر من بيته ثم زارني في بيتي، فحق على المزور أن يكرم زاره»([17])،
وفي إحساس المؤمن بهذه الحقيقة، ومصاحبته لهذه النية في دخوله المسجد
وشعوره فيه أنه من ضيافة الله، ارتفاع بمعنى الصلة بالله، وشعور كريم بعطف
الله وبره وفضله، يجعل من دخول المسجد تربية فوق ما يجد منها في الصلاة.
وفي
المسجد يحس المؤمن بحقيقة المساواة، لا امتياز لأحد على أحد، فالكل
سواسية بين يدي الله، تعنو له جباه الجميع، وتلهج له ألسنتهم بالدعاء
والابتهال، وفيها يحس بقوة الجماعة ووحدتها وأخوَّتها في ظل هذا اللقاء
الطاهر في ضيافة الله، وفيها يحس بحقيقة كيانه في الجماعة وحقيقة علاقته
بالإِمام؛ فهو يطيعه طاعة واعية مبصرة ما قام بالحق وأدى أوامر الله، فإذا
أخطأ أو سها رده إلى الحق وأرشده إلى الصواب.
والصلاة
وهي الفريضة الدائمة المستمرة تربية للمؤمن على الإِحساس بالجماعة، فهو
يتجه في صلاته إلى القبلة التي يتجه إليها جميع المسلمين، وفي هذا
الاتجاه إحساس قوي بالوحدة، وصلاة الجماعة مؤتمرات بقدر مناسباتها،
فالصلوات الخمس مؤتمرات صغيرة دائمة، وصلاة الجمعة مؤتمر أسبوعي كبير،
وصلاة العيد مؤتمر سنوي أكبر. وفي المسجد يحس المؤمن بالصلة الوثيقة بينه
وبين إخوانه، وهي صلة تقوم على الأخوة والمساواة المبصرة.
وللمواظبة على الجماعة أصل كبير في ذلك قال r: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»([18])، وقال r: «إن الله ليستحي من العبد إذا صلى في جماعة ثم سأل حاجته أن ينصرف حتى تقضي له حاجته»، وقال r: «أفضل الأعمال عند الله صلاة الغداة يوم الجمعة في جماعة».
ويقال:
من داوم على صلاة الجماعة أعطاه الله خمس خصال، يرفع عنه ضيق المعيشة،
ويدفع عنه عذاب القبر، ويعطى كتابه بيمينه، ويمر على الصراط كالبرق
الخاطف، ويدخل الجنة بغير حساب.
ويختم لنا الإِمام أبو هبيرة عليه رحمة الله هذه الهمسة إذ يقول: «وأجمعوا على أن صلاة الجماعة مشروعة وأنه يجب إِظهارها في الناس، فإِن امتنع من ذلك أهل بلدٍ قوتلوا عليها»([19]).
*
وآخر هذه الهمسات تحتاج إلى تعقل وأخذ الأمر بعزم وجدٍّ ذلك أن التهاون
والكسل بتركها (كفر)! على القول الصحيح من قولي العلماء حتى إن كان
تاركها تهاونًا لم يجحد وجوبها إِذْ لو كان جاحدًا لوجوبها كفر بإِجماع
المسلمين، يقول الشيخ الدكتور صالح الفوزان في من ترك الصلاة تهاونًا
وكسلاً: (كَفَر على الصحيح من قولي العلماء بل هو الصواب الذي تدل عليه
الأدلة كحديث: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة»([20])،
وغيره من الأدلة). ثم يقول أيضًا: (وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها
ليفتضح حتى يصلي، ولا ينبغي السلام عليه، ولا إِجابة دعوته حتى يتوب ويقيم
الصلاة، لأن الصلاة عمود الدين، وهي الفارقة بين المسلم والكافر فمهما
عمل العبد من الأعمال فإنه لا ينفعه ما دام مضيعًا للصلاة. نسأل الله
العافية)([21]).
وللتهاون
بها صور كثيرة، منها: تأخيرها عن وقتها لسبب غير مشروع، وعدم الطمأنينة
فيها ونقرها، وترك صلاة الجماعة، والتكاسل في القيام لها، والانشغال عنها
بأي عمل، واعتبارها عملاً مفضولاً وعدم تعظيمها، والتفريط بالإِتيان
بأركانها، وواجباتها على الوجه المشروع، فهذا ونحوه مما يُعدُّ تهاونًا
بالصلاة.. والتهاون بالصلاة كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأنه وسيلة تؤدي إلى
الخروج من الدين.. ولذا توعد الله تعالى المتهاونين في الصلاة بأشد العذاب
إِن لم يتوبوا إلى ربهم، قال تعالى: }فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ{([22])، أي لاهون يتغافلون عنها، ولا يصلونها في مواقيتها ولا يتمون ركوعها ولا سجودها.
وقال النبي r وقد ذكر الصلاة يومًا: «من
حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ
عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون
وفرعون وهامان وأُبي بن خلف»([23]).
أرأيت
أخي، وأرأيت أختي الخطر في عدم حفظ الصلاة؟ الذي أسأله الله تعالى أن
يجنبنا الوقوع فيه وأن يبعدنا عما يقرب إليه من قول أو عمل، ثم أسأل تعالى
أن تكون هذه الهمسات صادقة دخلت قلبك وشدت من عزمك لإِقامة الصلاة
الكاملة، فإن كان ذلك فلا تبخل بدقائق معدودة لنقف سويًا مع الوقفات
التالية نطوف سريعًا حول صفات الصلاة الكاملة التي استظهرها العلماء من
أمره r: «صلوا كما رأيتموني أصلي»([24])، فتناقلوا كيفية صلاة النبي r
وصفتها وفصلوا بدقة أحكامها: شروطها وأركانها وواجباتها وسننها
ومكروهاتها ومبطلاتها. وفي الأسطر التالية وقفات سريعة مع هذه الأحكام.

ثانيًا: وقفات مع قوله r
«صلوا كما رأيتموني أصلي»
الأولى: شروطها:
وهي ما يجب للصلاة قبلها ولا تصح إلا بها، وهي تسعة شروط:
1- الإسلام: فلا تصح من الكافر لبطلان عمله.
2- العقل: فلا تصح الصلاة من المجنون والسكران ومن ذهب عقله لعدم تكليفه.
3- التمييز: لقوله r: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع»([25]) والتمييز يبدأ غالبًا بسبع سنين.
4- دخول الوقت: قال تعالى: }إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا{([26]) فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها، وأما بعد خروجه فتصح إن كان معذورًا وإن كان غير معذور فتصح قضاءً مع الإِثم.
5- ستر العورة: قال تعالى: }يابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ{([27]) عُبّر عنه في الآية باتخاذ الزينة فيكون المقصود للصلاة أكثر من حدود العورة المعروفة فتشمل ستر العورة والعاتق بالنسبة للرجل، قال r: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه شيء»([28]).
6- الطهارة من الحدث لقوله تعالى: }يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ...{([29]).
7- اجتناب النجاسة: في البدن والثوب والمكان.
8- استقبال القبلة: أي إصابة عين الكعبة إن كان يراها، أو جهتها إنِ لم يكن يراها، قال تعالى: }وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ{([30]).
9- النية: وهي عزم القلب على فعل العبادة تقربًا إلى الله تعالى دون النطق بها. قال رسول الله r: «إنما الأعمال بالنيات»([31]).
الثانية: أركانها:
الأركان: جمع ركن وهو ما لا تصح الصلاة بدونه سواء تُرك عمدًا أو سهوًا، وهي:
1- القيام مع القدرة: لقوله تعالى: }وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ{([32]).
2- تكبيرة الإِحرام: لقوله r: «تحريمها التكبير»([33]).
3- قراءة الفاتحة: لقوله r: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»([34]).
4- الركوع: لقوله تعالى: }يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا{([35]).
5- الرفع من الركوع: لقوله r: «ثم ارفع حتى تطمئن قائمًا»([36]).
6- السجود على الأعضاء السبعة: لقوله r: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا»([37]) ولما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي أمرنا أن نسجد على سبعة أعضاء: الجبهة وأشار إلى أنفه والكفين والركبتين وأطراف القدمين»([38]).
7/8- الرفع من السجود، والجلوس بين السجدتين: لقوله r: «ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا»([39]).
9/10/11- التشهد الأخير، وجلسته، والصلاة على النبي r فيه.
12- الطمأنينة: أي الاستقرار والسكون في الإتيان بكل ركن لأن الصلاة عبادة يناجي الإِنسان بها ربه.
روى أبو هريرة t أن رسول الله r دخل المسجد فدخل رجل فصلى فسلم على النبي r فرد وقال: «ارجع فصل فإِنك لم تصل» فرجع يصلي كما صلى ثم جلس فسلم على النبي r فقال: «ارجع فصل فإِنك لم تصل – ثلاثًا-» فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني. فقال: «إذا
قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن
راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع
حتى تطمئن جالسًا، وافعل ذلك في صلاتك كلها»([40]).
13- التسليم: لحديث ابن مسعود: «أن النبي r كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله»([41]).
14- الترتيب بين الأركان: لقول النبي r: «ثم» وهي تدل على الترتيب.
الثالثة واجباتها:
وقبل
عرض الواجبات نقول: ما الفرق بينها وبين الأركان؟ والجواب أن الركن لا
يسقط بالسهو وأما الواجب فيسقط بالسهو ويجبر بسجود السهو، فمن نسي ركنًا
لم تصح صلاته إلا به، ومن نسي واجبًا أجزأ عنه سجود السهو، ويتفق الواجب
والركن في أن الترك المتعمد لأي منهما يبطل الصلاة، وواجبات الصلاة هي:
1- التكبير – سوى تكبيرة الإحرام – لأنها ركن وما عداها من التكبيرات فواجب كتكبيرة الركوع والسجود والرفع منه والتشهد.
2- قوله (سبحان ربي العظيم) في الركوع مرة.
3- التسميع: وهو قول (سمع الله لمن حمده) ويجب على الإِمام والمنفرد دون المأموم.
4- التحميد: وهو قول (ربنا ولك الحمد) ويجب على الإمام والمأموم والمنفرد.
5- قول (سبحان ربي الأعلى) في السجود مرة.
6- سؤال المغفرة، وذلك في الجلسة بين السجدتين بقوله: (رب اغفر لي، رب اغفر لي)، أو (اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني).
7- الجلوس للتشهد الأول.
8- التشهد الأول.
الرابعة: سنن الصلاة:
1-
رفع اليدين حذو المنكبين أو حذو الأذنين في أربعة مواضع، وهي: عند
تكبيرة الإِحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد
الأول، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إن النبي r
كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يكبر فإذا
أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك فإِذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك»([42]).
2- وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر أو تحت الصدر أو فوق السرة، لحديث وائل بن حجر t قال: «صليت مع
النبي r فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره»([43]).
3- نظره إلى موضع سجوده.
4- دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، وقد ورد بعدة صيغ منها: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك»([44])، ومنها: «اللهم
باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من
الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج
والبرد»([45]).
5- الاستعاذة في الركعة الأولى والبسملة في كل ركعة قبل الفاتحة.
6- التأمين وهو قول «آمين» لقول النبي r: «إذا قال الإِمام }غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ{ فقولوا: آمين، فإِنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»([46]).
7- القراءة بعد الفاتحة لما ورد أن رسول الله r: «كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب، وكان يسمعهم الآية أحيانًا»([47]).
8- الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية والإِسرار في الصلاة السرية للإِمام والمنفرد.
9- تطويل القراءة في صلاة الصبح، والتوسط في الظهر والعصر والعشاء، والتقصير في المغرب.
10- قوله بعد التحميد «ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد»([48]).
11-
أن يجلس في جميع جلسات الصلاة على باطن رجله اليسرى وينصب اليمنى ما عدا
التشهد الأخير – إذا كان في الصلاة تشهدان – فإن هيئة الجلوس فيه هو
التورك ومعناه: أن يجعل باطن رجله اليسرى تحت فخذه اليمنى ويجعل إِلْيته
على الأرض وينصب قدمه اليمنى، لحديث أبي حميد الساعدي في وصف صلاة النبي r قال: «فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته»([49]).
12- ما زاد على المرة في تسبيح الركوع والسجود.
13- الدعاء في السجود.
14- الدعاء بعد الصلاة على النبي r في التشهد الأخير.
الخامسة: ما يكره في الصلاة:
1- رفع البصر إلى السماء قال r: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، لينتَهُنَّ عن ذلك أو لتُخطفن أبصارهم»([50]).
2- تغميض العينين.
3- وضع اليد على الخاصرة، لأن النبي r نهى عن التخصر في الصلاة.
4- الالتفات بالرأس أو البصر إلا لحاجة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله r عن التفات الرجل في الصلاة فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد»([51]).
5- كف ما استرسل من شعر أو كم أو ثوب، قال النبي r: «أمرت أن أسجد على سبع أعظم ولا أكف ثوبًا ولا شعرًأ»([52]).
6- فرقعة الأصابع أو تشبيكها.
7- مس الحصى أو تسوية موضع السجود أكثر من مرة، قال رسول الله r في الرجل يسوي التراب حيث يسجد: «إن كنت فاعلاً فواحدة»([53]).
8- التمطي أو فتح الفم.
9- افتراش الذراعين في السجود لقوله r: «اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب»([54]).
10- مسح ما كان من أثر السجود قبل فراغه من الصلاة أو مس اللحية.
11- السدل وتغطية الفم: روى أبو هريرة t: «أن رسول الله r نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه»([55]).
12- الصلاة وبين يديه ما يلهيه.
13- الصلاة بحضرة الطعام.
14- الصلاة مع مدافعة الأخبثين: لقوله r: «لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان»([56]).
15- الصلاة عند مغالبة النوم: لقوله r: «إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه»([57]).
سادسًا: مبطلات الصلاة:
تبطل الصلاة بفعل واحد من الأمور التالية:
1- الأكل والشرب عامدًا.
2- الكلام عامدًا في غير مصلحة الصلاة، لقوله r: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس»([58]).
3- ترك شرط من شروطها.
4- ترك ركن إن لم يتدارك في أثناء الصلاة أو بعدها بقليل.
5- العمل الكثير من غير جنس الصلاة الذي يدل على انشغال القلب والأعضاء بغيرها لغير ضرورة. أما الضرورة فلا تبطلها لقوله تعالى: }فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا{([59]). رجالاً: أي يمشون على الأرض.
6- الضحك إذا بلغ حد القهقهة.
7- السلام قبل إتمامها عمدًا.
8- تعمد زيادة فعل من جنس الصلاة في غير محله كزيادة ركوع أو سجود أو قيام أو قعود.
9- الحدث.
السابعة: وهي الوقفة الختامية
نجعلها مع آداب الصلاة والمشي إليها، فالمسلم بحاجة إلى معرفتها ليكن متهيأ لها ليدخل فيها على أحسن الهيئات:
*
فإذا مشيت إلى المسجد لتؤدي الصلاة مع جماعة المسلمين؛ فليكن ذلك بسكينة
ووقار، والسكينة: هي الطمأنينة والتأني في المشي، والوقار: الرزانة
والحلم وغض البصر وخفض الصوت وقلة الالتفات.
وقد ورد في الصحيحين عن النبي r قال: «إذا أتيتم الصلاة – وفي لفظ: إذا سمعتم الإقامة – فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم، فصلوا، وما فاتكم؛ فأتموا» وروى الإمام مسلم؛ قال: «إن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة؛ فهو في صلاة».
*
وليكن خروجك أيها المسلم إلى المسجد مبكرًا؛ لتدرك تكبيرة الإِحرام،
وتحضر مع الجماعة من أولها، وقارب بين خطاك في مشيك إلى الصلاة؛ لتكثر
حسناتك، ففي «الصحيحين» عن النبي r؛ أنه قال: «إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد؛ لم يخط خطوة؛ إلا رفعت له بها درجة، وحطت عنه بها خطيئة».
*
فإذا وصلت باب المسجد؛ فقدم رجلك اليمنى عند الدخول، وقل: بسم الله،
أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم،
اللهم صل على محمد، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا
أردت الخروج، قدم رجلك اليسرى، وقل الدعاء الذي قلته عند الدخول، وتقول
بدل: «وافتح لي أبواب رحمتك»: «وافتح لي أبواب فضلك» وذلك لأن المسجد محل الرحمة، وخارج المسجد محل الرزق، وهو فضل من الله تعالى.
* فإذا دخلت المسجد؛ فلا تجلس حتى تصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقوله r: «إذا دخل المسجد؛ فلا يجلس حتى يصلي ركعتين».
*
ثم تجلس تنتظر الصلاة، ولتكن حال جلوسك في المسجد لانتظار الصلاة
مشتغلاً بذكر الله وتلاوة القرآن، وتجنب العبث؛ كتشبيك الأصابع وغيره؛
فقد ورد النهي عنه في حق منتظر الصلاة، قال r: «إذا كان أحدكم في المسجد؛ فلا يشبك؛ فإن التشبيك من الشيطان»؛ أما من كان في المسجد لغير انتظار الصلاة؛ فلا يمنع من تشبيك الأصابع؛ فقد ثبت أن النبي r شبك أصابعه في المسجد بعد ما سلم من الصلاة.
*
وفي حال انتظارك الصلاة في المسجد؛ لا تخض في أحاديث الدنيا؛ لأنه ورد
في الحديث أن ذلك يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، وقد ورد في الحديث
الآخر أن العبد في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، والملائكة تستغفر له؛ فلا
تفرط أيها المسلم في هذا الثواب وتضيعه بالعبث والاشتغال بالقيل والقال.
* وإذا أقيمت الصلاة؛ فقم إليها عند قول المؤذن: «قد قامت الصلاة»؛ لأن النبي r
كان يفعل ذلك، وإن قمت عند بدء الإِقامة؛ فلا بأس بذلك، هذا إذا كان
المأموم يرى الإِمام، فإن كان لا يراه حال الإِقامة؛ فالأفضل أن لا يقوم
حتى يراه.
* أيها المسلم! احرص أن تكون في الصف الأول؛ فقد قال النبي r: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لا يجدون إلا أن يستهموا عليه؛ لاستهموا»([60])، وقال r: «خير صفوف الرجال أولها»، واحرص على القرب من الإِمام؛ فقد قال r: «لِيلني منكم أولو الأحلام والنهى»، وهذا بالنسبة للرجل، وأما بالنسبة للمرأة؛ فالصف الأخير من صفوف النساء أفضل لها لقوله r: «وخير صفوف النساء آخرها»؛ لأن ذلك أبعد لها عن رؤية الرجال.
* ويتأكد في حق الإِمام والمصلين الاهتمام بتسوية الصفوف، قال r: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة»([61])، وفي الحديث الآخر: «لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم»، وتسوية الصفوف هي تعديلها بمحاذاة المناكب والأكعب.
* ويتأكد في حق المصلين سد الفرج والتراص في الصفوف؛ لقوله r: «سووا صفوفكم وتراصوا»([62])،
ومعناه: لاصقوا الصفوف حتى لا يكون بينكم فرج؛ فالمراصة: التصاق بعض
المأمومين ببعض؛ ليتصل ما بينهم، وينسد الخلل، فلا تبقى فرجات للشيطان. وقد
كان النبي r
يهتم بتسوية الصفوف وتراص المأمومين فيها اهتمامًا بالغًا، مما يدل على
أهمية ذلك وفائدته، وليس معنى رص الصفوف ما يفعله بعض الجهال اليوم من
المباعدة المبالغة بين رجليه حتى يضايق من بجانبه، لأن هذا العمل يوجد
فرجًا في الصفوف، ويؤذي المصلين، ولا أصل له في الشرع؛ فينبغي للمسلمين
الاهتمام بذلك، والحرص عليه؛ اقتداء بنبيهم، وإتمامًا لصلاتهم ([63]).
فإذا اعتدلت قائمًا فاجعل نظرك إلى موضع سجودك، وإذا ركعت فاجعله إلى قدميك وإذا سجدت فانظر إلى أنفك وإذا جلست فانظر إلى حجرك.
وختامًا أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن ينفع بها إنه سميع مجيب.
* * *


([63]) ينظر: «الملخص الفقهي» لفضيلة الدكتور/ صالح الفوزان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لحظة صمت..!




المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 07/01/2011

لاقرا هذارحمك الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاقرا هذارحمك الله   لاقرا هذارحمك الله Emptyالجمعة يناير 07, 2011 7:06 pm

يسلموو
ربي يعطيك العاافيه
لاهنت ولا هان قدرك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابو جهاد المصري




المساهمات : 10
تاريخ التسجيل : 11/01/2011

لاقرا هذارحمك الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: لاقرا هذارحمك الله   لاقرا هذارحمك الله Emptyالثلاثاء يناير 11, 2011 1:30 am

جزاكم الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لاقرا هذارحمك الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أحب الكــلام إلى الله ..
» ما أجمل الحياة مع الله
» البكاء من خشية الله
» ومن يستعفف يعفه الله .......
» فوائد التوكّل على الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم الإسلامي :: في رحاب الله-
انتقل الى: